"كان لمجهودات الفرنسي جول ريميه الفضل الأكبر في تأسيس بطولة كأس العالم لكرة القدم"
بعد أن ظهرت رياضة كرة القدم بشكلها الحديث في بريطانيا في أواخر القرن التاسع عشر تحت اسم “Association Football”، بدأت اللعبة في الانتشار في مختلف دول العالم، وتأسست أندية عديدة في شتى أنحاء المعمورة.
في الأعوام الأولى لرياضة كرة القدم لم تكن هناك منتخبات تمثل الدول سوى منتخبات دول بريطانيا العظمى حيث جمع أول لقاء دولي ين إنكلترا واسكتلندا في عام 1872.
ولكن مع مطلع القرن العشرين بدأت الدول في تأسيس اتحادات وطنية لكرة القدم، ثم سعت لتكوين منتخبات من أفضل لاعبيها بهدف تمثيلها على المستوى الدولي وكسب الخبرة من الاحتكاك بمنتخبات ذات مستويات وأساليب لعب مختلفة.
ورغم وجود رياضة كرة القدم ضمن برنامج الدورة الأولمبية الثانية عام 1900 في باريس والدورة الثالثة عام 1904 في مدينة سانت لويس الأمريكية، لم تكن الفرق المشاركة منتخبات بمعنى الكلمة، بل كانت أندية أو فرق ممثلة لبعض الدول المشاركة.
في شهر أيار/مايو من عام 1904 في باريس أقيمت أول مباراة دولية بين منتخبات غير بريطانية، عندما التقى منتخب فرنسا مع نظيره البلجيكي، وفي الثاني والعشرين من نفس الشهر أيضاً في باريس كانت اللحظة التاريخية بإعلان تأسيس الإتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" بواسطة سبع دول هي فرنسا وبلجيكا وإسبانيا والدنمارك وهولندا وسويسرا والسويد.
بدأت المزيد من المنتخبات في الانضمام للفيفا وشهدت الدورة الأولمبية الرابعة عام 1908 في لندن المشاركة الأولى لخمس منتخبات كرة القدم، هي فرنسا والدنمارك وهولندا والسويد، بالإضافة إلى بريطانيا التي نجحت في الفوز بالذهبية رغم مشاركتها بفريق من اللاعبين الهواة.
وأظهرت نتائج هذه البطولة التفاوت الكبير في مستويات المنتخبات حيث تغلبت الدنمارك مثلاً على فرنسا في قبل النهائي بنتيجة 17-1، ثم خسرت النهائي أمام بريطانيا 0-2.
في الدورة الأولمبية الخامسة عام 1912 بستوكهولم شارك 11 منتخباً أوروبياً وانتزعت بريطانيا الذهب من جديد بالفوز على الدنمارك في النهائي 4-2.
وفي عام 1914 قررت الفيفا، التي بلغ عدد أعضائها 25 عضواً، اعتبار مسابقة كرة القدم في الأولمبياد بمثابة "بطولة عالم لكرة القدم".
وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى شهدت الدورة الأولمبية السادسة في مدينة آنتويرب البلجيكية إقامة أول بطولة عالمية بمشاركة 14 منتخباً، منهم 13 منتخب أوروبي بالإضافة إلى منتخب مصر التي كانت أول دولة عربية تنضم للفيفا. وشهدت المباراة النهائية فوز بلجيكا على تشيكوسلوفاكيا لتنال الميدالية الذهبية.
بعد ذلك بدأت منتخبات أمريكا الجنوبية في المشاركة بهذه البطولات، وتفوقت على منتخبات أوروبا خاصة منتخب أوروغواي الذي كان "المنتخب الذي لا يقهر" خلال تلك الفترة وحقق ذهبية أولمبياد باريس عام 1924 ثم ذهبية أولمبياد أمستردام عام 1928.
خلال أولمبياد أمستردام اقترح جول ريميه رئيس الإتحادين الدولي والفرنسي على أعضاء الفيفا إقامة بطولة لكرة القدم منفصلة عن الأولمبياد مع السماح للمحترفين بالمشاركة، خاصة وأن روزنامة أولمبياد لوس أنجلوس عام 1932 لم تكن ستشمل رياضة كرة القدم لقلة شعبيتها في الولايات المتحدة.
ولاقت الفكرة قبولاً واسعاً ليجتمع الفيفا بعد عام واحد في مدينة برشلونة الإسبانية ويعلن رسمياً عن إقامة النسخة الأولى من كأس العالم لكرة القدم في عام 1930.
وتم منح شرف تنظيم البطولة إلى الأوروغواي رغم وجود رغبة من دول عديدة لتنظيمها مثل هولندا وإسبانيا والسويد وإيطاليا.
وساهمت العديد من العوامل في منح الأوروغواي هذا الشرف، منها أن منتخبها كان حينها هو أبرز منتخبات كرة القدم في العالم، كما أنها وعدت ببناء ملعب جديد ووعدت أيضاً بتعويض المنتخبات المشاركة مادياً عن تكاليف السفر والإقامة، كل ذلك رغبة منها في تنظيم هذا الحدث الهام تزامناً مع احتفالاتها بمرور 100 عام على استقلالها.