يشكل تاريخ الصين سجلا تاريخيا يعود إلى عصر ثلاثة ملوك والأباطرة الخمس حوالي 5,000 سنة مضت، حيث يعود السجل الأثري إلى القرن السادس عشر قبل الميلاد. تشكل الصين أحد أقدم الحضارات المستمرة في تاريخ العالم. وجدت صدفات سلاحف مع كتابات صينية عليها من فترة سلالة شانغ Shang Dynasty تعود حسب تحديد العمر بالكربون إلى 1500 ق.م. نشأت الحضارة الصينية من ولايات-مدن في وادي النهر الأصفر. وتعتبر سنة 221 ق.م هي السنة المقبولة بشكل عام لاتحاد الصين تحت حكم ملك واحد أو إمبراطور. استطاعت سلالات التاريخ الصيني المتتالية أن تطور أنظمة بيروقراطية مكنت إمبراطور الصين من السيطرة على الأراضي الشاسعة للصين.
مؤسس الصين كبلد موحد كان من سلالة كين Qin Dynasty (秦) حيث أدخل إمبراطور الصين وقتها نظاما عاما للكتابة في القرن الثالث ق.م استطاع عن طريقه تطوير فكرانية (إيديولوجيا) دولة تعتمد على الكونفوشيوسية في القرن الثاني ق.م. تقلبت الصين بين فترات من الوحدة والانقسامات وأحيانا سيطرة شعوب أجنبية، الا أن أغلبهم اندمج في الشعب الصيني. كما حدثت العديد من التأثرات بالكثير من أجزاء آسيا نتيجة الهجرات والتوسعات والاندماجات العرقية، ساهم كل هذا في النهاية في تطوير ثقافة الصين المميزة.
ثلاثة ملوك آلهة وخمسة أباطرة
الملوك الآلهة الثلاث و الأباطرة الخمس (في اللغة الصينية三皇五帝: شان هوانج وو دي) هم الحكام الأسطوريون الذين حكمو الصين في الفترة الممتدة ما بين 2852 ق.م و 2205 ق.م، و هي الحقبة التي سبقت زيا.
الملوك الآلهة الثلاث
تحكي الأسطورة الصينية أن هؤلاء الحكام كانو ملوكا آلهة أو بتعبير آخر أنصاف آلهة استعملوا قواهم السحرية لتحسين ظروف معيشة شعوبهم. و نظرا لقدراتهم الخارقة فقد عمّروا لأوقات طويلة، و ساد فترات حكمهم سلام عظيم. تختلف المصادر التاريخية في تحديد هؤلاء الحكام، و ويرجح انهم كالتالي:
فوخي
نوّا
شينّونج
فوخي و نوّا هما على التوالي الإله والإلهة، الزوج و الزوج و دورهما يتجلى في كونهما أجدادا للبشرية بعد طوفان مدمّر. ينسب إلى فوخي ابتداعه لمبادئ باكوا. أما شنونج فكان أول من استخدم الأعشاب لأغراض طبية. بعد وفاة فوخي خلفه شينونج الذي خلق المحراث و علم الناس الزراعة و اصطياد السمك و أوجد كذلك النقود و السوق. أما نوّا فقد حل محلها سوي رن الذي أوجد النار، ثم لحقه الإمبراطور الأصفر، الذي يعتبر الجد الأول لقومية الهان الصينية.
العصر الامبراطوري
تشين
(بالصينية: 秦朝) هي أسرة من الأباطرة حكمت الصين (221-208 ق.م)، كان لها الفضل في توحيد البلاد وتأسيس أول إمبراطورية حقيقية. أعطت لاحقا اسمها للبلاد.
البداية
استمدت الأسرة اسمها من اسم دولة تشين الغربية، والتي أنهت حكم أسرة "تشو". أخذ حكام أسرة "تشين" في احتلال ثم ضم الممالك الصينية المجاورة لهم، فتحت جيوشهم مناطق "سيشوان"، "يوننان"، و"غيتشو" في الجنوب، ووصلت حملاتهم حتى النهر الأحمر، "لانتشو" وكوريا في الشمال.
وحدة البلاد
في سنة 221 ق.م اتخذ الحاكم لقب "شي هوانغدي". قام بتوحيد الممالك، واستحدث مع كل مملكة جديدة قام بضمها تقسيما إداريا جديد، كان هذا لتقسيم الجديد يقوم على نظام مركزي، كما جاء الجزء الأكبر من تعداد جيوشه من المقاطعات المختلفة وعن طريق تجنيد أبناء الفلاحين.
ساهم "لي سي" بقدر كبير في عملية الإصلاحات الجديدة، كان الرجل من أتباع فلسفة الشرعية (كانت تدعو إلى التقيد الصارم بالقوانين)، ومن مريدي الفيلسوف "هان فاي". تم تقسيم البلاد إلى ست وثلاثين (36) مقاطعة (ثم إلى 42 في مرحلة لاحقا)، نقوم الحكومة المركزية بتعيين الحكام في هذه المقاطعات، الأهلية وحدها التي كانت تؤهل الشخص لتولي أحد المناصب وليس الروابط الأسرية. أجبر النبلاء من الحكام السابقين على هجرة مناطقهم الأصلية والإقامة في العاصمة الإمبراطورية, من أهم الخطوات التي تم اتخذها: توحيد الموازين (المكاييل)، ووحدات القياس، العملة، أقطار العجلات واللغة المكتوبة. أصبحت كل هذه الوحدات نفسها عبر كامل تراب الإمبراطورية.
الشرعوية
الشيء الوحيد الذي عكر صفو هذه الإصلاحات هو الطريقة الاستبدادية والشمولية للفلسفة الرسمية للدولة: الشرعوية: عام 213 ق.م تم حرق كل كتب المدارس الفلسفية الأخرى، فقط الكتب التي كانت تضمها المكتبة الإمبراطورية استبقي عليها، تم دفن الآلاف من رجال العلم وهم أحياء بسبب آرائهم، وأجبر البعض الآخر على الأعمال الشاقة، كان "شي هوانغدي" بحاجة إلى كل اليد العاملة المتوفرة حتى يبنى السور العظيم، ويحمي الحدود الشمالية لإمبراطوريته.
النهاية
توفي "شي هوانغدي" في شرقي الصين عام 210 ق.م وتم دفنه في الضريح الضخم في "لينتونغ"، غير بعيد عن شيآن (). لم يستطع ثاني الأباطرة من أسرة "تشين" والذي اتخذ لقب "إر هوانغدي"" أن يصمد في وجه الأزمات التي احاطت به: سنة 210 ق.م اندلعت أولى الثورات ضد حكم أسرة "تشين"، كانت الضرائب الثقيلة التي فرضت ونظام التجنيد الإجباري من أهم الأسباب، كما أن الممالك السابقة والتي ضمت بقوة، بدأت تستهويها فكرة الانفصال مجددا على غرار مملكة "تشو" في الجنوب. انشطرت الإمبراطورية سريعا، إلا أن الأمر لم يدم طويلا فبرزت شخصية "ليو بانغ" والذي استطاع أن يعيد لبلاد وحدتها من جديد واتخذ لقب "غاو تسو"،، وكان بذلك أول حكام أسرة "هان".
الإرث
قامت أسرة "هان" والسلالات اللاحقة باعتماد العديد من المؤسسات التي استحدثها الـ"تشين"، بما في ذلك القانون العقابي الصارم. رغم أنهم لم يحكموا إلا خمس عشر سنة، يرجع الفضل لهذه الأسرة في إعطاء الرقعة الجغرافية لبتي تحتلها الصين اليوم شكل الدولة السياسية، بقي هذا الشكل رغم تحولاته العديدة، وعمر لأزيد من ألفين سنة، كما أعطت للبلاد اسمها (صين هو تحوير لاسم تشين).
مصطلحات مفيدة:شرعوية (Legalism): اتباع حرفي للقانون أو للبيروقراطية دون أدنى تفكير أو منطق (عن الجمعية الدولية للمترجمين العرب).